السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف اطرح كل يوم معلمومات عن احد الائمه عليهم السلام
1
الرسول الاعطم صلى الله عليه واله وسلم
في ارض الحجاز عاشت قبيلة قريش ، أبرز القبائل العربية ، " قصيّ بن كلاب " هو الجدّ الرابع لسيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، وله ولاية البيت العتيق .
وقبيلة قريش بيوت متعددة أبرزنا بنو هاشم ، وهاشم رجل شريف سخيّ يتمتّع باحترام أهل مكّة .
كان يصنع للحجاج طعاماً على سبيل الضيافة ، و قد سُمِّيَ هاشماً ، لأنّه هشم الثريد لقومه بمكة ، بعد ما أصابهم القحط . و إليه تعود تجارة قريش في الشتاء والصيف ، ومن أجل هذا دعاه الناس "سيّداً " وما يزال الذين ينتسبون إلى هاشم يُدعون بالسادة .
بعد هاشم جاء ابنه المطلب ، وأعقبه عبد المطلب لزعامة قريش .
كان عبد المطلب رجلاً مهاباً ، يحترمه الناس ، وفي زمانه هجم أبرهة الحبشي على مكة لتحطيم الكعبة ، ولكن الله ردّ كيده إلى نحره ، وارتفع شأن عبد المطّلب بين القبائل.
كان لعبد المطلب أولاد كثيرون ، ولكن عبد الله كان أفضل أولاده وأعزّهم لديه ، كان في الرابعة والعشرين من عمره عندما اقترن بـ " آمنة بنت وهب " ، وكان ثمرة هذا الزواج المبارك أن وُلِدَ سيِّدُنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) بعد شهرين من عام الفيل .
توفي أبوه وهو في بطن أمه ، ثم ماتت أمه وهو ما يزال صبياً فتكفّله جدُّه " عبد المطلّب " ، وهكذا نشأ يتيماً.
عاش محمد في مكة ، في كنف جده العظيم ، وعانى الكثير من مرارة اليُتْم .
ولمّا أصبح شابّاً عرف أهل مكة فضلَه وأمانته ، واشتهر بلقب الصادق الأمين ، فكانوا يُودِعون أموالهم لديه .
كان يحبّ الفقراء والمساكين . . . يدافع عنهم ، ويتناول الطعام معهم ، يصغي لهمومهم ، ويسعى في حلّ مشاكلهم .
وعندما أسّس شبابُ مكّة حلفَ " الفضول " للدّفاع عن المظلومين والانتصاف من الظالمين ، سارع " محمد " فانضمّ إليه ، لأنه ينسجم مع أهدافه وأخلاقه .
اشترك في إحدى قوافل " خديجة " التجارية بطلب من عمّه " أبي طالب " وتزعّم قيادة القافلة .
وعندما لمسَتْ خديجةُ – عن قربٍ _ أمانته وصدقه وحسن سيرته عرضتْ عليه الزواج فوافق على ذلك ، وكانت خديجة امرأة فاضلة ثريّة .
وكانت ثمرة زواجهما بنتاً هي " فاطمة " ( عليها السلام ) سيدة النساء ، ومنها كان نسلُ الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) .
الحجر الأسود :
مضت عشرة أعوام على حياة " محمد مع خديجة ، و صادف أن اجتاحت السيولُ مكة ، ولحقتْ بالكعبة أضرارٌ كبيرة .
عزمتْ قريش على إعادة بناء البيت الحرام ، فاقتسمتْ طوائفُ قريش العمل ، وعندما اكتمل البناء ، وأرادوا وضْع " الحجر الأسود" في مكانه اختلفوا فيمن يقوم بذلك العمل ، وأرادت كلُّ طائفة منهم أن تنهض بهذا الشرف ، وكاد الأمر أن يصل إلى القتال والحرب ، فتدخّل سيدُنا محمد بتلك الفكرة التي تفتّق عنها ذهنُه الصافي ، حيث نزع رداءه و وضع " الحجر الأسود فيه ، فأخذت كلُّ طائفة طرفاً من الرداء ، وحملت الحجر الأسود ، فأعاده النبي إلى مكانه .
الوحي :
عندما بلغ سيدُنا محمدٌ الأربعين من عمره هبط عليه جبريلُ وبشَّره برسالة السماء.
كان يتعبّد كعادته في غار حرّاء . . يتفكّر في خلْق السماوات والأرض وخلْق الناس .
وفي تلك اللحظة هبط عليه جبريلُ وناداه بكلمات الله :
إقرأ . . . إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلَق الإنسانَ من علَق ، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم .
وهبط رسول الله من الجبل 1 يحمل رسالة السماء إلى العالمين .
كانت دعوة الرسول في بدايتها سرّية ، وكان الذين يؤمنون به يخفون إيمانهم وإسلامهم .
وخديجة كانت أوّلَ من آمن به وصدّقه ثم علي ( عليه السلام ) .
مرّت ثلاثةُ أعوام انتشر فيها الإسلام بين فقراء مكّة ، وجاء أمرُ الله بإعلان الدعوة إلى الناس كافّة .
ليس من السهل إعلان التوحيد في مدينة تغصّ بالأصنام و الأوثان وبين قبائل تقدّس الحجارة وتعبدها على مرّ السنين والأعوام .
وصدَع رسولُ الله بالأمر ، وهتف في مكّة : لا الله إلا الله وأنا رسول الله .
وبعد هذا الإعلان العام بدأت المصاعب ، وبدأ مشركو قريش حرْبهم للدين الجديد .
في البدء فكّروا أن يرْشوا " محمداً " بالأموال وبالزعامة والجاه ، وعندما أخفقوا في ذلك راحوا يصبّون العذاب على ضعفاء المسلمين . صادروا أموالهم ، ونهبوا منازلهم ، وسخروا منهم ، ولكن كل ذلك لم يمنع من انتشار دعوة الله .
واصَل المشركون عُدوانهم على المسلمين وفكّروا في إخراج الرسول و مَن ناصره من مكّة ، فحاصروهم في " شِعْبِ أبي طالب " حتى مات بعضُهم من الجوع .
ولم يكتفِ المشركون بذلك ، بل كانوا يراقبون " الوادي " مراقبةً دقيقة لمنْعهم من البيع والشراء وتهيئة الطعام ، وكان الذين يتعاطفون معهم يخافون أن يحملوا إليهم حتى الماء ، وكانوا ينتظرون حلول الظلام لكي يتسلّلوا خُفية ويُوصِلوا إليهم شيئاً من الطعام والشراب .
وفشِل الحصارُ ، وأخفق المشركون في القضاء على الدين الإسلامي .
وقف المشركون عاجزين أمام صلابة المسلمين وإيمانهم ، فتآمروا على قتْل الرسول ، والقضاء عليه .
الهجرة :
هبط الوحي على رسول الله وأخبره بتآمر المشركين وخطّتهم ، فعرض النبيُّ على ابن عمه " علي " ( عليه السلام ) المبيت في فراشه ، فيما انسلّ رسول الله في الظلام مهاجراً من مكّة إلى " يثرب ".
اجتمع المتآمرون وحاصروا منزل النبي ينتظرون الفرصة المناسبة لاقتحام الدار وقتل الرسول ، وشعروا بالدهشة وهم يرَون " علياً " في فراشه ، وغادروا المنزل لاقتفاء أثر النبي ، وراحوا يبحثون عن المهاجر في الطرق والمفازات ولكن دون جدوى ، فعادوا إلى مكة خائبين .
بعد تسعة أيام قضاها الرسول في الطريق وصل مكاناً قرب " المدينة " يدعى "قُبا" فتوقّف فيه وبنى هناك أول مسجد في الإسلام .
بدأ المسلمون في بناء المسجد بحماس ، وكان الرسول يعمل معهم ، وما أسرع أن اكتمل البناء ، وصلّى الرسول فيه أول صلاة للجمعة ، ومكث فيهم مدّة يعلّمهم الكتاب والحكمة .
كان الرسول ينتظر قدومّ ابن عمه علي الذي خلّفه في مكة لأداء الأمانات إلى أهلها ، حتى جاء علي ومعه نساء من بني هاشم .
دخل الرسول " يثرب " ، وأصبح اسمها مدينة الرسول أو المدينة المنوَّرة .
كان علي قد أمضى ثلاثة أيام في مكة ، وأدّى الأمانات إلى أصحابها ، ثم التحق بالنبي في قُبا .
استقبل أهل المدينة الرسولَ ومن معه من المهاجرين استقبالاً كبيراً ، وعمّت الفرحة ، وكان كلُّ واحد من المسلمين يدعو الرسول للحلول في داره واستضافته ، و كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : دعوا الناقة فإنّها مأمورة .
ومضت الناقة في طريقها حتى إذا وصلت أمام دار " أبي أيوب الأنصاري " وقفتْ وبركتْ ، فحلّ النبي في دار الصحابي " أبي أيوب " .
وكان أوّل شيء فعله نبينا ( صلى الله عليه وآله ) هو تأسيسه المسجد ليكون قاعدة كبرى لنشر رسالة الإسلام .
وعندما حلّ النبي في المدينة انتهت العداوة والبغضاء والحروب بين الأوس والخزرج ، والتي امتدت اكثر من مئة وعشرين سنة ، وكان اليهود يزيدون أوارها ، وحلّ مكانَها الإخاءُ والوئام .
ولكي يُذيب الرسولُ الحواجز بين " المهاجرين " القادمين من مكّة وبين "الأنصار" من سكان المدينة ، فقد آخى بينهم ، وأصبح لكلِّ مهاجر أخٌ من الأنصار ، ولكلّ أنصاري أخٌ من المهاجرين ، كما شجع النبيُ المهاجرين على العمل والسعي لكي لا يبقوا عبئاً على إخوانهم من الأنصار .
كان اليهود ينظرون بحقد إلى الإخاء الذي ساد بين المهاجرين والأنصار ، وبين الأنصار أنفسهم ، وكانوا يحاولون – دائماً – ضرب هذا الإتحاد وبثّ روحَ التفرقة بينهم ، وكان سيدُنا محمّدٌ ( صلى الله عليه وآله ) يخمد نار الفتنة كلما حاول اليهود إشعالها .
تغيير القبلة :
عندما كان رسول الله في مكة كان يتّجه في عبادته وصلاته إلى المسجد الأقصى في مدينة القدس مدّة ثلاثة عشرة سنة ، وعندما هاجر إلى المدينة استمر على هذا سبعة عشر شهراً ، وكان اليهود – أيضاً – يتّجهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى ، ويسخرون من المسلمين ويقولون لهم : لو لم نكن على الحق لما اتبعتم قبلتنا .
وذات يوم هبط الوحي يأمر رسول الله أن يتّجه المسلمون في صلاتهم إلى الكعبة المسجد الحرام .
وقد ساء هذا الخبر اليهود وقالوا ما حوّلهم عن قبلتهم ؟ غافلين عن أن هذا امتحان واختبار للمسلمين .
حروب النبي :
معركة بدر
تحالف رسولُ الله مع القبائل القريبة لحماية المدينة من الغارات والغدر ، ولما كانت قريش قد صادرت أموال المسلمين في مكة فقد فكر النبي في استعادتها منهم ، فتعرض إلى قوافلهم التجارية ، وقد كان رسولُ الله يهدف من وراء ذلك زعزعة هيبة قريش بين القبائل إضافة إلى استعادة ما نهبوه من أموال المسلمين في مكّة .
وهكذا حدث أول صدام مسلّح بين المسلمين والمشركين قُرْب آبار بدر ، فسُمَّيَتْ بذلك معركة بدر ، حيث انتصر المسلمون انتصاراً ساحقاً وارتفع شأنهم في الجزيرة العربية.
معركة اُحد :
شعرتْ قريش بالغضب بسبب هزيمتها في بدر أمام المسلمين ، وراح " أبو سفيان" يعدّ العدّة للثأر ، حتى أنه منع النساء من البكاء على قتلاهم في بدر لكي يبقي على نار الحقد متأجِّجة في النفوس .
وكان اليهود الذين أقلقهم انتصار المسلمين ، يُحرِّضون قريشاً على الثأر ، فقد أرسلوا " كعب بن الأشرف " إلى مكة ليُردِّدَ أشعاراً تحرِّض المشركين على الثأر و الإنتقام.
وعقدت قريش اجتماعاً في " دار الندوة " للتداول في ذلك ، واستقرّ رأيهم على غزو المدينة للثأر ، ورصدوا أموالاً طائلة لجيشهم بلغت أكثر من خمسين ألف دينار ، ولم ينسوا أن يطلبوا النجدة من حلفائهم من القبائل المحيطة بمكة .
التحرك : بلغت قوّات المشركين ثلاثة آلاف مقاتل . . . كانت تطوي الصحراء في طريقها إلى المدينة المنوَّرة .
كان العباس بن عبد المطلب مؤمناً برسول الله ، ولكنه كان يُخفي إيمانه ، فكتب رسالة إلى النبي يُخبره فيها بتحرّك جيش المشركين .
تولى أبو سفيان قيادة الحملة ، فيما كان " خالد بن الوليد " قائداً للفرسان .
عقد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) اجتماعاً طارئاً في مسجد المدينة للتشاور مع المسلمين حول مواجهة الخطر القادم ، وبعد مداولات طويلة استقرّ الرأي على تجهيز جيشٍ كبير ومغادرة المدينة .
وفي صباح يوم السبت السابع من شهر شوّال من العام الثالث الهجري تحرك جيش المسلمين باتجاه جبل أُحد .
أمر رسول الله " عبدَ الله بن جُبَير " وخمسين من الرماة بالمرابطة فوق سُفوح "أُحد" وحماية مؤخَّرة الجيش الإسلامي ، وحذَّرهم من مغادرة أماكنهم ، سواء انتصر المسلمون أو هُزموا .
وهكذا التقى الجيشان . . جيش التوحيد وجيش الشرك ، وخاض المسلمون قتالاً ضارياُ ، ولاح النصر في جبهتهم ودبّت الهزيمة في جيش المشركين .
كان الرماة يراقبون سير المعارك ، وعندما شاهدوا إخوانهم يطاردون فلول المشركين غادروا أماكنهم لجمع الغنائم ، متناسين أوامر الرسول بعدم مغادرة مواقعهم في كل الظروف . وهنا تغير سير المعركة ، فقد انتهز خالد بن الوليد الفرصة واندفع مع قوّاته في حركة التفاف سريعة مهاجماً مؤخرة الجيش الإسلامي .
دبّت الفوضى في جيش النبي ، وراح بعضهم يقتل بعضاً ، فيما فرّ الكثير منهم في الصحراء ، ولكن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثبت في مكانه يقاتل ، وحوله جمعٌ من المسلمين ، في طليعتهم " علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ".
قدّم المسلمون في هذه المعركة سبعين شهيداً ومع هذا فقد جمع النبي – وقد انسحب إلى الجبل – قوّاته ، وبدأ حملة مطاردة لجيش المشركين الذين أسرعوا في العودة إلى مكّة ، فعاد رسول الله إلى المدينة ، وقد تعلّم المسلمون درساً في الطاعة لن ينسوه .
معركة الأحزاب :
تمكن اليهود الذين أُخرجوا من المدينة بسبب غدرهم وعُدوانهم من تشجيع قريش وتحريض القبائل على محمّد ورسالته ، و وعدوهم بمساعدات ضخمة .
وهكذا تشكّلت جبهة عريضة ضد الإسلام جمعت تحت رايتها كثيراً من القبائل والمنافقين واليهود .
وفي شوّال من العام الخامس للهجرة زحفتْ جيوشُ الأحزاب بقيادة " أبي سفيان" ، وقد بلغت عشرة آلاف مقاتل .
وصلت الأنباء مدينة الرسول حمَلها فرسان من خزاعة ، فأعلن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حالة الاستنفار ، وتبادل المسلمون الرأي في الدفاع عن دينهم ومدينتهم ، وحظي اقتراح " سلمان " بإجماع المسلمين ، وبوشر بحفر خندق كبير لحماية المدينة من العدوان .
ثلاثة آلاف مسلم كانوا يعملون ليلَ نهار منهكمين في حفر خندق بلغ طوله اثني عشر ألف متر ، بعمق خمسة أمتار ، وبعرض ستة أمتار تقريباً ، وقد جهز الخندق بمنافذ للعبور و وُضعت خلف الخندق متاريس ومواضع للرماة .
فوجئت الجيوش الزاحفة بخطّ لا يمكن اقتحامه ، فعسكر المشركون للحصار .
أراد أبو سفيان حسْمَ الموقف ، وإنهاء حالة الانتظار ، فبعث " حيَّ بن أخطب " زعيمَ يهود " بني النضير " ليتحدث مع " كعب بن أسد " زعيم يهود " بني قريظة " في مهاجمة المسلمين من داخل المدينة ، وفتْح الطريق أمام جيوش الأحزاب .
كان رسولُ الله يُدرك طبيعة الغدْر في اليهود ، فرصد خمسمئة مسلّح للقيام بدوريات في المدينة ومراقبة تحركات " بني قريظة " وهكذا أمّن الرسولُ المدينةَ من الداخل ، أمّا في الجانب الآخر من الخندق فقد بقيتْ قوّاتُ المشركين عاجزةً عن القيام بأي عمل مسلّح ما عدا مناوشات بالنبال .
كانت الأوضاع تزداد تأزُّماً حيث تمكّن خمسة من أبطال المشركين بقيادة " عمرو بن عبد ودّ " من اقتحام الخندق وتحدّي المسلمين .
راح " ابن عبد ود " يسخر من المسلمين ، فنهض له عليُّ بن أبي طالب وخاض معه معركة ضارية سقط " عمرو بن عبد ود " على أثرها صريعاً ، وفرّ رفاقه ، فسقط أحدهم في الخندق أثناء العبور ، فنزل إليه عليُّ وقتَله ، فيما لاذَ الباقون بالفرار .
وكان لضربة عليٍّ وموقفه الباسل الأثرَ الكبير في تصاعد الروح المعنوية لدى المسلمين ، وبثّ روح الذعر في قلوب المشركين . . . حتى أنّ رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين سبعين سنة .
حاول " خالد بن الوليد " تدارك الخسارة وتدنّي معنويات الأحزاب ، فقام بعمليات استعراضية حاول فيها اقتحام الخندق ، فتصدى له المسلمون وأجبروهم على الفرار.
وأثناء الحصار أسلم " نعيم بن مسعود " وكان رجلاً معروفاً بالذكاء ، فطلب منه الرسول أن يكتم إسلامه ويحاول تخذيل المشركين وبثّ الفرقة بينهم وبين اليهود ، فنجح في مهمّته ، كما تسلل شخص من المسلمين هو " حذيفة " أثناء الظلام في صفوف المشركين ، وتمكن من حضور اخطر اجتماعاتهم ، فراح يشنّ عليهم حرباً نفسيّة أشعرتهم بالهلع .
وهبّت عواصف عاتية ، وكان الهواء شديد البرودة ، فسيطرت روح اليأس ، وساد الاختلاف بين الجنود بعد حصار بلا طائل .
قرّر أبو سفيان الاستفادة من الظلام ، والانسحاب على عجَل ، قبل أن تحدث تطوّرات غير محمودة العواقب .
وأشرقت الشمس وخرج المسلمون إلى مواقعهم ، وكم كانت فرحتهم كبيرة وهم ينظرون إلى الجانب الآخر من الخندق ولا أثر للمعتدين .
وعندما اطمأنّ الرسول إلى انسحاب المشركين ، أصدر أمره إلى المسلمين بترك مواقعهم والعودة إلى ديارهم .
بني قريظة :
لم يلتزم يهود بني قريظة بعهودهم بعدما أرادوا الغدر ، فقرّر النبي تأديبهم ، فحاصر حصونهم وقِلاعهم مدّة خمسة وعشرين يوماً ، اضطرّوا بعدها للاستسلام .
عندما شعر اليهود أن طريقهم الوحيد للنجاة هو الاستسلام ، طلبوا من المسلمين مغادرة المدينة ، ولكن النبي رفض ذلك ، وأصّر على الاستسلام دون قيد أو شرط .
لقد كان اليهود وراء كل الدسائس والمؤامرات ، ولم ينس المسلمون غدر " بني قينقاع " و " بني النضير " .
وأخيراً طلب اليهود النزول على حكم " سعد بن معاذ " فقد يتعاطف معهم ، ولكن سعداً حكم فيهم بما أنزل الله ، وانتهت لذلك مؤامرات اليهود في المدينة .
صلح الحديبية :
عزّزت الانتصارات المتلاحقة من موقع المسلمين في الجزيرة العربية وزادت هيبتهم بين القبائل ، وشعرت قريش بالفزع .
وفي شهر ذي القعدة من العام السابع الهجري عزم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) على حج بيت الله الحرام ومعه ألف وأربعمئة من المسلمين ، فقصد مكّة حيث أحرم في مكان يدعى " ذو الحليفة ".
وكان لهذه الخطوة مكاسبها السياسية إضافة إلى فوائدها الروحية والمعنوية ، فقد أظهرت المسلمين كأمّة جديدة تتمتع بكيان خاص بين القبائل في جزيرة العرب .
وعندما وصلت الأنباء مكة أقسم أهلها بالأصنام أن يمنعوا دخول محمد وأصحابه إلى مدينتهم ، بينما تحرّك خالد بن الوليد في مقدّمة مئتي فارس لاعتراض النبي وأصحابه .
كان النبي يتفادى الاصطدام بقريش ، ولذا سلك طريقاً آخر إلى أن وصل "الحديبية " .
وقد بعث النبي مندوباً إلى مكّة يخبرهم بعزم النبي على زيارة بيت الله وأنه لم يأت للقتال والحرب .
واستُقبل مبعوث النبي ببرود ، وعُومل معاملة قاسية ، وكانت تصرفاتهم تحمل كل معاني العداء والكراهية للنبي والمسلمين .
وقف النبي تحت " الشجرة " وتحلّق حوله المسلمون مجددِّين معه البيعة ، وقد بان العزم في عيونهم ، والتصميم في قلوبهم .
وعندما علمتْ قريش بذلك شعرتْ بالخوف وأرسلت " سهيل بن عمرو " للتفاوض مع الرسول وإبرام الصلح مع المسلمين .
وبعد مداولات بين الطرفين تمّ الصلح ، ووقّع الفريقان على بنوده الخمسة ، وفيها أن يعود المسلمون إلى المدينة على أن يحجّوا العام القادم دون سلاح ، وهم أحرار في أداء مراسم الحج حسْب طريقتهم .
وكان من نتائج هذا الصلح ، انتشار الإسلام في الجزيرة ، ثمّ تُوِّج- في النهاية – بفتح مكّة ، وبالرغم من ذلك فإن بعض المسلمين اعترضوا على الصلح وعدّوه ضعفاً دون أن يلتفتوا إلى فوائده العديدة .
لقد تضمّن الصلح بنداً يفيد بأن يعيد المسلمون كلَّ من يُسلم من قريش إلى مكّة .